التاريخ : الخميس 25-04-2024

الهلال الأحمر: لا توجد بيئة صالحة للحياة في قطاع غزة ونحذّر من انتشار كبير للأمراض المعدية    |     مقررة أممية: يجب معاقبة إسرائيل ومنع تصدير السلاح إليها    |     الأردن يدين اقتحام المستعمرين "للأقصى"    |     فتوح: قمع الحراك الطلابي في الجامعات الأميركية يكشف زيف وكذب إدارة بايدن    |     رئيس بوليفيا يطالب باتخاذ إجراءات صارمة لوقف حرب الإبادة في قطاع غزة    |     "آكشن إيد" الدولية: غزة أصبحت مقبرة للنساء والفتيات بعد 200 يوم من الأزمة الانسانية بسبب العدوان    |     مع دخول العدوان يومه الـ202: شهداء وجرحى في قصف الاحتلال المتواصل على قطاع غزة    |     "فتح" تهنئ الجبهة الديمقراطية بنجاح مؤتمرها الثامن وبانتخاب فهد سليمان أمينا عاما    |     رئيس الوزراء ورئيس مجلس إدارة صندوق الاستثمار يستكملان إجراءات الاستلام والتسليم    |     "التعاون الإسلامي" ترحب باعتراف جمهورية جامايكا بدولة فلسطين    |     مصطفى يؤكد ضرورة عقد مؤتمر للمانحين لدعم الحكومة الفلسطينية    |     أبو ردينة: نحمل الإدارة الأميركية مسؤولية أي اقتحام لرفح وتداعياته الخطيرة    |     الجامعة العربية تدعو مجلس الأمن لاتخاذ قرار تحت الفصل السابع يضمن امتثال إسرائيل لوقف إطلاق النار في    |     البرلمان العربي: قرار جامايكا الاعتراف بدولة فلسطين "خطوة في الإتجاه الصحيح"    |     ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 34262 والاصابات إلى 77229 منذ بدء العدوان    |     الرئاسة ترحب بالتقرير الأممي الذي أكد إسرائيل لم تقدم أية أدلة تدعم مزاعمها حول "أونروا"    |     ألمانيا تعتزم استئناف التعاون مع "الأونروا" في غزة    |     جنوب إفريقيا تدعو إلى تحقيق عاجل في المقابر الجماعية بقطاع غزة    |     برنامج الأغذية العالمي: نصف سكان قطاع غزة يعانون من الجوع    |     مع دخول العدوان يومه الـ201: الاحتلال يكثف غاراته على قطاع غزة مخلّفا شهداء وجرحى    |     جامايكا تعلن الاعتراف بدولة فلسطين    |     مئات المستعمرين يقتحمون المسجد الأقصى    |     الاحتلال يغلق الحرم الإبراهيمي بحجة الأعياد اليهودية    |     أبو الغيط يرحب بنتائج التحقيق الأممي المستقل حول "الأونروا"
اخبار متفرقة » المقعدة أم ثائر...مشاهد قاسية لحظة الاعتقال
المقعدة أم ثائر...مشاهد قاسية لحظة الاعتقال

المقعدة أم ثائر...مشاهد قاسية لحظة الاعتقال

رام الله 30-10-2019
- إيهاب الريماوي

ساق ضابط في جيش الاحتلال "علي" الابن الأخير للعائلة إلى خارج المنزل، وقال له عليكم أن تجهزوا والدتكم فنحن جئنا من أجل اعتقالها، صعق علي، كيف تعتقلون مسنة مريضة؟ اعتقلوني بدلاً عنها.

المسنة هيام شكري بدر (62 عاما) من بلدة بيت لقيا غرب رام الله، أقعدتها جلطة سببت لها الشلل في يديها وقدمها اليسرى قبل ست سنوات، ورقدت في المستشفى عدة أسابيع، وخرجت على كرسي متحرك.

بالكاد تمكنت من الجلوس على الكنبة، وضعت يديها اليسرى على كتف ابنتها أسيل، وقالت: "لولا هذه البنت لما استطعت تدبر أمور حياتي، فأنا أصبحت مقعدة ولا يمكنني القيام بأي شيء إلا بالمساعدة، أتنقل من مكان إلى آخر باستخدام كرسي متحرك، وعندما أذهب إلى النوم يحملونني ويرفعونني إلى السرير".

المسنة المقعدة اعتقلها جيش الاحتلال الاسرائيلي قبل عدة أيام، غير مكترثين بوضعها الصحي إلى جانب مرضها الضغط والسكري، الاعتقال جاء في محاولة للضغط على أبنائها الثلاثة ثائر وتامر وأشرف الذين اعتقلوا قبل اعتقالها بأسبوع.

"فجأة نهضت من النوم على صوت طرق قوي بالأرجل على باب المنزل عند الواحدة بعد منتصف الليل، عرفت أنهم جيش الاحتلال، وطلبت من ابني أن يفتح الباب، حيث أني مقعدة ولا يمكنني التحرك، وعندما دخل الجنود إلى المنزل كان عدد منهم يحمل حمالات تستخدم للمرضى والجرحى".

كان جنود الاحتلال في الداخل قد دمروا كافة محتويات المنزل، وطلبوا من أسيل ابنة الحاجة أم ثائر أن تجهزها داخل الحمام بتواجد مجندة من جيش الاحتلال، لكنها رفضت وأصرت على أن تكون لوحدها مع والدتها.

رفضت أم ثائر أن يتم نقلها للدورية العسكرية بواسطة الحمالة، وأجبرت الجنود على نقلها من خلال كرسيها المتحرك.

"أجلسوني وسط الدورية العسكرية، وأثناء سير الدورية لم يكن الكرسي مستقرا في مكانه، شعرت بأني سأرتطم بالأرض، وكان الجنود من حولي يتبادلون الضحكات".

نقلت إلى مستوطنة "عطروت" شمال القدس، ووضعت تحت مظلة من "الزينكو" مفتوحة من الجهات الأربع، وبقيت على هذه الوضعية منذ الساعة الواحدة والنصف حتى الثامنة صباحا، ومنعت من الذهاب إلى الحمام، وحتى من تأدية الصلاة.

"شعرت بالبرد الشديد، فلم أكن أرتدي ثياباً دافئة بالشكل الكافي، وفجأة أحضروا أبنائي تامر وثائر، حتى يستفزوهم ويضغطوا عليهما باعتقالي، ولما طلب ابني تامر من المجندة إحضار معطف أو بطانية لي رفضوا، فقام بخلع سترته وألبسني إياها".

أدخلت الحاجة أم ثائر إلى المحقق عند الساعة الثامنة صباحاً، كان التعب قد انهك جسدها من طول الانتظار والبقاء عدة ساعات في البرد، وتناوب عليها المحققون حتى الثالثة عصراً.

"نعتني المحقق بالكاذبة، وهددني بأنه سيتم سجن أبنائي لسنوات طويلة إذا لم أقدم لهم المعلومات التي يريدونها".

بعد ساعات طويلة من التحقيق تقرر أخيراً الافراج عنها، ولكن لم يوافقوا على الافراج عنها عند حاجز بيت سيرا القريب من بيت لقيا، وأصروا على أن يتم الافراج عنها على حاجز قلنديا.

عندما وصلت حاجز قلنديا حاول الجنود إدخالها من خلال البوابات الالكترونية، رغم أنه من المستحيل أن تدخلها وهي على كرسيها المتحرك، فرضخ الجنود لرفضها وخرجت من الممر المخصص للمركبات.

وتابعت، "أول ما وصلت للبيت استلقيت على السرير، كنت منهكة جداً، وراح شريط الذكريات يمر أمامي، زوجي الذي توفي قبل عام ونصف، وحفيدتي التي استشهدت قبل 13 عاماً، لقد أنهكنا الاحتلال سنوات طويلة".

ففي الثالث والعشرين من شهر نيسان أبريل عام 2006 كانت الطفلة رفيدة قد رافقت والدتها وأشقاءها الثلاثة من كفر كنّا داخل أراضي 48 لزيارة بيت والدها ثائر الذي كان يقبع في سجن نفحة، حين سحقتها بوابة على إحدى حواجز الاحتلال.

والدتها جيهان عقيلة قالت حول ما جرى معهم في ذلك اليوم: اضطررنا للانتظار أنا وأطفالي الأربعة على حاجز خربثا مدة ساعة في إحدى الحافلات، التي خضعت للتفتيش الإسرائيلي قبل دخولها إلى رام الله".

وأضافت "خلال ذلك استجبت لطلب رفيدة بالذهاب لقضاء حاجتها فنزلنا من الحافلة للبحث عن حمام، وعند مرورنا قرب بوابة الحاجز، أطبقت هذه فجأة على رأسها مما أدى إلى إصابتها بجروح بالغة، فاحتضنت ابنتي مشدوهة بالصدمة غير مصدقة ما حدث، إلا أن الطفلة أخذت تنزف دماً من رأسها وعينيها على مرأى من إخوتها في الحافلة، ونقلتها سيارة إسعاف حضرت إلى المستشفى لتتلقى العلاج في محاولة لإنقاذ حياتها، إلا أن إصابة رفيدة كانت بالغة الخطورة، واستشهدت بعد ثلاثة أيام من إصابتها".

قبل عام ونصف اشتد المرض على المسن أبو ثائر ونقل إلى العناية المكثفة في مجمع فلسطين الطبي، وقبل اسبوع من وفاته اعتقل ثائر، كما اعتقل مرة أخرى قبل زفاف ابنته بيوم واحد، وكما حرم أيضاً من إلقاء نظرة الوداع على طفلته الشهيدة رفيدة.

2019-10-30
اطبع ارسل