التاريخ : الجمعة 19-04-2024

نيابة عن الرئيس: السفير دبور يضع اكليلا من الزهور على النصب التذكاري لشهداء الثورة الفلسطينية في بير    |     الرئيس يدعو لاقتصار فعاليات عيد الفطر على الشعائر الدينية    |     "هيومن رايتس ووتش": التجويع الذي تفرضه إسرائيل على غزة يقتل الأطفال    |     فرنسا تقترح فرض عقوبات على إسرائيل لإرغامها على إدخال المساعدات إلى غزة    |     ارتفاع حصيلة العدوان على غزة إلى 33,360 شهيدا منذ السابع من تشرين الأول الماضي    |     اليونيسف: غزة على حافة الدمار والمجاعة    |     أردوغان: سنواصل دعمنا للشعب الفلسطيني حتى إقامة دولته المستقلة    |     قوات الاحتلال تقتحم طولكرم وتعتقل سبعة مواطنين    |     غوتيرش ينتقد منع الصحفيين الدوليين من دخول غزة و"رابطة الصحافة الأجنبية" تعرب عن مخاوفها    |     رئيس الوزراء يلتقي وزير الخارجية السعودي في مكة    |     الرئيس المصري يستقبل رئيس الوزراء محمد مصطفى    |     الجمعية العامة للأمم المتحدة تعقد جلسة حول الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية    |     مجلس الأمن يقر بالإجماع إحالة إعادة النظر في طلب فلسطين للعضوية الكاملة إلى لجنة العضوية    |     الاحتلال يمنع رفع الأذان وأداء صلوات المغرب والعشاء والتراويح في حوسان    |     الزعيم الروحي للطائفة المعروفية الدرزية الشيخ موفق طريف يهاتف الرئيس لمناسبة حلول عيد الفطر    |     الرئيس يتلقى اتصالا من الكاهن الأكبر للطائفة السامرية لمناسبة حلول عيد الفطر    |     "القوى" تؤكد أهمية تضافر الجهود لوقف حرب الإبادة التي يرتكبها الاحتلال بحق أبناء شعبنا    |     نادي الأسير: الاحتلال يحتجز جثامين 26 شهيدا من الحركة الأسيرة    |     ملك الأردن والرئيسان المصري والفرنسي: يجب وقف إطلاق النار في غزة الآن    |     "العدل الدولية" تبدأ جلسات الاستماع بشأن طلب التدابير المؤقتة الذي قدمته نيكاراغوا بحق ألمانيا    |     "الأغذية العالمي" يجدد التحذير من مجاعة شمال غزة    |     "الخارجية" تدين جريمة اعدام الأسير دقة وتطالب المنظمات الدولية بتوفير الحماية لشعبنا    |     الاحتلال يعتقل 45 مواطنا من الضفة    |     شهداء ومصابون في سلسلة غارات اسرائيلية على مناطق وسط وجنوب قطاع غزة
الصحافة الفلسطينية » مغزى الدعم الجزائري
مغزى الدعم الجزائري

 مغزى الدعم الجزائري

 

بقلم عدلي صادق

جريدة الحياة الجديدة 2-1-2013

تظل الجزائر سبّاقة الى العطاء في أوقات المحنة، وتقرأ من مغرب العالم العربي، مغزى السياسات ووجهة المقاصد في المشرق. هي الآن تعرف، أن الأميركيين وبإيعاز إسرائيلي، يقفون وراء منع الدعم العربي لفلسطين، لذلك قدمت حصتها المقررة من الدعم في موعدها، وفق قرارات عربية مرت عليها سنوات. لم تتخلف الجزائر عن التزامها، بينما معظم إخواننا العرب، يتخلفون الآن عن الوفاء بوعود تجسدت في قرارات حديثة لم يجف حبر توقيعاتهم عليها!

لقد كان من بين أفدح أخطائنا، خلال السنوات العشر الماضية، أننا لم نعمل بما فيه الكفاية لاستعادة زخم العلاقة الفلسطينية الجزائرية، لا سيما وأن الخيارات السياسية لم تكن هي المشكلة. فالجزائريون واقعيون، ويعرفون حقائق الإقليم والعالم. كان سبب الفتور يتعلق بتقديرات جزائرية مُحقة، لخُطى السياسة الفلسطينية التي ركزت بالكامل على الضالعين في العملية السلمية أو المنضوين في الأطر الراعية لها، وتناست دور الجزائر والمثابرة عليه، باعتبار أن الجزائريين هم السند الأقوى تاريخياً، وهم المنزّهون عن المآرب اللئيمة، ويضطلعون بنظام سياسي وارث لحركة تحرر منتصرة، راسخة الوفاء لفلسطين. وقد تداخلت ثورتا الجزائر وفلسطين قبل استقلال الجزائر وبعده. تلازمت المناسبات والتقاطعات وكانت محطة انتصار جزائرية محطة مناسبة فلسطينية بامتياز. بل إن انتصار ثورة الجزائر، كان وظل يعني ـ فيما يعنيه وهو كثير ـ أن بلداً شقيقاً شاسعاً بات حضناً دافئاً لكفاح الفلسطينيين، ومنارة هدى، وبرج مراقبة يصحح الاحداثيات، وبيتاً يوحد ويجمع، ولا يفرق ويشتت. بيتٌ يأوي اليه المتخاصمون والمتوافقون ولا يختلفون عليه!

كان أبو عمار، الشهيد الرمز، يتفاءل بالجزائر، ولا يغيب عنها. وليس أدل على أن السياسة لم تكن سبب الفتور في السنوات العشر الماضية، من كون زيارات "الختيار" الى الجزائر تكثفت بعد "أوسلو". ولما حدث نقل وحداتنا العسكرية الفلسطينية من الجزائر الى الوطن، عندما بدأت تطبيقات اتفاق إعلان المبادىء بـ "غزة وأريحا" كان قادة الأسراب، من القوات الجوية الجزائرية، هم الذين منحتهم قيادتهم العسكرية، شرف حمل الجنود والضباط الفلسطينيين بطائرات النقل العسكرية الى مدرج الهبوط في قرية "الجورة" قرب رفح. ودخلت القوة الفلسطينية الى غزة بأعلام فلسطين والجزائر.

أبو عمار الحبيب الراحل، كان شغوفاً بالجزائر. فإن لم تكن في نفسه حاجة مباشرة لديها، لا يتردد في توظيف طيف الجزائر ومكانتها لصالح الحركة الديبلوماسية الفلسطينية، فيزورها دونما سبب مباشر. ففي إحدى زيارات "الختيار" الخاطفة، اجتمع مع علي كافي رئيس مجلس الرئاسة آنذاك، بحضور أحد كبار ضباط القيادة العسكرية. وفي اللقاء الرسمي، لم يقل "أبو عمار" شيئاً سوى الحديث الشخصي وبعض لقطات من الذكريات. كان الفحوى السياسي للاجتماع أقل بكثير من فحوى المؤتمر الصحفي بعده. ولما عاد موكب "الختيار" الى إقامة "جنان الميثاق" همس لي وزير الخارجية آنذاك (محمد صالح دمبري) بأن الرئيس علي كافي، أرسله لكي يعرف ما الذي كان يريده الأخ "أبو عمار" من الزيارة وقد تحرّج من الحديث فيه بوجود آخرين؟ ذهبت أسأل "الختيار" في غرفة استراحته، فقال لي وهو يقلّب محطات التلفزيون: أبداً، أنا أتفاءل بالجزائر، وهذا هو سبب الزيارة. قل للوزير أي شيء"!

عرضت على زعيمنا صيغة الإجابة التي سأبلغها لوزير الخارجية: إن الرئيس أبو عمار، جاء ليؤكد دعمه للجزائر في معركتها مع الإرهاب الأعمى والمشبوه، وليكون واضحاً للعالم، بأن الجزائر قوية وآمنة وتستقبل زوارها بأريحية، وأنها ستنتصر في كل التحديات"!

لكن المعنى السياسي، لما قاله "الختيار" هو أن الحركة في اتجاه الجزائر، تمثل ـ بحد ذاتها ـ عنصر ثقل استراتيجي للديبلوماسية الفلسطينية. فها هو الرئيس عرفات، اليوم، في الجزائر، وما على المفسرين، رديئهم وجيّدهم، إلا أن يتستبطن الأسباب!

* * *

تزامنت بهجة الانجاز السياسي في الأمم المتحدة، مع مفاعيل الجفاء الذي يُراد منه التركيع واحباط مسعى الاستفادة من وضعية الدولة. فأميركا التي تعرف بأن المحتلين مجرمون، تريد أن تستبق الجريمة بتدبير يمنع مساءلة المجرم عندما يقترف جريمته، وبالتالي تطلب تعهدنا بعدم الانضمام الى "اتفاقية روما" ومحكمة الجنايات الدولية. منتهى الوقاحة والظلم. ومن منطلق هكذا وقاحة وظلم، أوعزت لكل ذوي العورات في العالم العربي، بأن يجافوا فلسطين، وإن لم يرضخوا فإن عوراتهم ستنكشف في صورة ثورات وانتفاضات ومواد إعلامية متلفزة، تتلطى برب العالمين وبالمقاومة وبالأمنيات القصوى!

ليكن من بين تمنيات ونوايا العام الجديد، أن نرسم ـ ومن ثم نتبنى ـ استراتيجية جديدة للعمل السياسي، تفرز الحلفاء الراسخين عن الحلفاء الموسميين، وتحرص على تعيين الفارق، بين المتضامنين لأسباب وأهداف شتى، والمتضامنين إنصافاً لتاريخهم وتاريخنا وللحقيقة ولأواصر الأخوّة والعمل الكفاحي المشترك. إن هكذا استراتيجية، تستوجب بناء المؤسسات. وأولها الديبلوماسية الفلسطينية التي ظلت في حاجة الى بناء جديد وكامل لوزارة الخارجية. ففي مرحلة الدولة، يفتش المعنيون ببسط سيادة دولتهم على أرضها؛ عن الشركاء الاستراتيجيين. وفي هذا الإطار، يجري تصويب الوجهة، ومن ثم الالتقاء بحرارة مع الجزائر وسواها، من الراسخين في الوفاء!

2013-01-02
اطبع ارسل